المدير المدير
عدد الرسائل : 205 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/10/2008
| موضوع: رماد الحضارات السبت مايو 23, 2009 7:17 am | |
| صحيفة بلدنا:
سعيد هلال الشريفي
|
من بين آلاف الوثاق السرية التي تم رفع الحظر عنها هذا العام من أرشيف وزارات الخارجية الغربية, ووضعت في متناول الباحثين بمكتباتها الخاصة, بعضها يعود إلى أكثر من مئة عام في الولايات المتحدة, تخص في معظمها نشاطات استخبارية مرعبة تم تنفيذها بدم بارد في معظم بلدان العالم, لنكتشف من خلال هذه الوثائق حقائق مغايرة لما تعلمنا أو قرأنا في كتب التاريخ, وأن فكرة الهيمنة على العالم,
أو ما يسمى في المصطلح المتداول حاليا « النظام العالمي الجديد», الذي روج له فريق المحافظين الجدد في تسعينات القرن الماضي من خلال هنتنغتون بكتابه « صدام الحضارات» وفوكوياما «نهاية التاريخ» أو برنارد لويس عبر أبحاثة المتعددة, أنها ليست وليدة عصرنا الحالي, بل وليدة قرون عدة خلت, تعود إلى عام 1729 الذي يؤرخ لاجتماع «لجنة الثلاثمائة المتنورين» الذي انعقد في بافاريا في ألمانيا وصدرت عنه توصيات تؤسس منذ ذلك التاريخ للهيمنة الشاملة على العالم, عبر ربط العالم بمجمله بشبكة مصرفية دولية عملاقة تتبع إما للندن سيتي أو إلى مصارف نيويورك, التي تسيطر عليها برمتها عائلة روتشيلد. نكتشف بذهول عبر هذه الوثائق, المفرج عنها, التي تحتاج مطالعتها إلى سنوات عديدة من البحث, كيف تمت التحضيرات الثقافية والدعائية واللوجستية للتخلص من الإمبراطوريات القديمة (العثمانية والروسية) والكثير مما لم نعرفه في السابق عن خفايا الثورة البلشفية عام 1917, من خلال الدور الرئيسي لمجموعة المصارف الدولية في تمويلها وتدريب جحافل المتمردين في معسكرات قتال في نيويورك والطرق الرهيبة التي تم نقلهم عبرها إلى موسكو مدججين بأحدث الأسلحة الفتاكة, والأهم من كل ذلك كيف تم نهب مخزون روسيا القيصرية من الذهب الخالص الذي كانت تمتلكه, فور نجاح الثورة, والذي قدر في ذلك الحين بـ600 مليون روبية من الذهب. نكتشف أيضا كيف تم التخطيط للأزمة المالية العالمية عام 1929, والتي أدت لما أطلق عليه «الكساد الكبير» وأغرقت العالم في جحيم من الفوضى والفقر والمرض والمجاعات, وعندما حاول الرئيس لنكولن التصدي للقوى الظلامية التي افتعلت تلك الأزمة عبر استصدار قانونه الشهير the new deal تم اغتياله على يد واحد من مجموعة عسكرية سرية تدعى «الكف الأسود». نقرأ بدهشة أيضا وثيقة تكشف عن السبب الذي أدى إلى اغتيال الرئيس جون كينيدي في دالاس عام 1963, وأن الرصاصة التي اخترقت جمجمته, من الخلف, لم تأت من القناص الذي كان يترصده على سطح مستودع, بل من مسدس سائقه الخاص, المدسوس من قبل وكالة الاستخبارات المركزية, وأن جميع الشهود على الحادثة بمن فيهم السائق, تم حقنهم بجرعات كبيرة من سرطان الدم, وماتوا قبل أن يكشفوا حقيقة ما حصل في حينه. لست أدري لماذا أتذكر بحنين بعد قراءة كل هذه الأهوال المرعبة قصيدة الشاعرة المرحومة سنية صالح «رماد الحضارات» التي تقول في مطلعها: هكذا كان يعتلي المنصة كالضواري, يبحث عن المرأة التي يحب. العالم بحاجة إلى الكثير من الحب كي يتعافى من أمراضه المزمنة. |
| |
|