المدير المدير
عدد الرسائل : 205 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/10/2008
| موضوع: آنا بالتزر مناضلة أمريكية الأربعاء يونيو 03, 2009 9:03 am | |
| آنا بالتزر مناضلة أمريكية Anna Baltzer دمشق صحيفة تشرين ثقافة وفنون الاربعاء 3 حزيران 2009 سعيد هلال الشريفي تستحق هذه المرأة الشابة أن أكتب عنها لأسباب عدة: أولاً: لأنها لم تطفئ شمعاتها الثلاثين بعد، ثانياً: لأنها أمريكية المولد والنشأة، وثالثاً: لأنها أتت منذ بضع سنوات إلى المنطقة العربية مرورا بتركيا كسائحة بسيطة، شأنها في ذلك، شأن الآلاف من الشبان في العالم، لكنها عادت إلى وطنها بمزاج آخر، بعد أن قضت الأيام الأخيرة من رحلتها في كنف عائلة لبنانية في مدينة صيدا. تقول في مقدمة كتابها الذي أصدرته العام الماضي، بعد شهور من عودتها إلى الولايات المتحدة شاهد في فلسطين Witness in Palestine أنها لم تكن قبل الأيام القليلة التي قضتها مع أصدقائها اللبنانيين، قد سمعت ببلد اسمه فلسطين، أو بمأساة حلّت منذ ستين عاماً بشعب طرد من وطنه وشرد وعذب وعاش طويلا تحت الخيام يقاسي أبشع أشكال الذل والحصار والحرمان من أبسط مقومات الحياة، لا لسبب سوى تمسكه بأرضه وهويته حتى الآن. تذكر أيضاً أن الفضل في تغيير مجرى حياتها الذي اختطته لتكون مجرد مدرسة رياضيات، يعود إلى تلك العائلة الصيداوية التي نوّرت بصيرتها على ما تسميه في كتابها ومحاضراتها «نكبة العصر ومهزلة القرن العشرين، إنشاء هذه الدولة العنصرية المسماة إسرائيل، المدعومة بالمطلق من الغرب». تسرد آنا كيف شرح لها أصدقاؤها اللبنانيون بالتفصيل تاريخ فلسطين ونكبة هذا الشعب المعذب الذي تعرض لأقصى ما يمكن تصوره من الوحشية على يد العصابات الصهيونية المنظمة، التي توافدت خلسة إلى فلسطين إبان الانتداب البريطاني، وأخذت ترتكب المجازر، الواحدة تلو الأخرى، بحق المدنيين العُزّل بهدف ترحيلهم تحت وابل من الحديد والنار، باتجاه البلدان العربية المجاورة، مرورا بنكبة عام 1948 وما أعقبها من نسف لمئات القرى بأكملها، وإقامة المستوطنات فوقها، وتحويل كامل الضفة الغربية، بمدنها وقراها إلى ما يشبه معسكرات الاعتقال الجماعي، من خلال المئات من حواجز التفتيش العسكرية، والجدران الإسمنتية العازلة والأسلاك الشائكة المحمية، التي تمنع التواصل بين قرية وأخرى، بما فيها المدن، كالقدس ونابلس وبيت لحم والخليل. ولعل قطاع غزة، المحاصر من كل أطرافه، أكبر دليل وأبلغ شاهد على هذا الواقع المأساوي الذي لم يعشه شعب عبر كل العصور. لم تحتمل مشاعر الشابة، معلمة الرياضيات، تلقي المزيد من هذه الأهوال التي رأت أن حضارتها الغربية، التي قامت على أسس الحرية والمساواة واحترام حقوق الإنسان, هي المسؤول المباشر عن مأساة هذا الشعب، فقررت أمرين في اليوم الأخير من إقامتها بصيدا. أولاً: ألا تعود إلى الولايات المتحدة قبل أن تقف على حقيقة كل ما سمعت ورأت من صور مروعة على أرض الواقع. وثانياً: أن تقوم بفعل ما، من شأنه أن يواسي جراح هذا الشعب المقهور منذ ستين عاما. وعندما أنهت جولتها التي استغرقت بضعة شهور في كل مدن وبلدات الضفة الغربية التي تمكنت من زيارة، ومعايشة أهلها عن قرب، وتدوين كل المشاهد المروعة التي عايشتها على أرض الواقع، عادت إلى الولايات المتحدة، وأطلقت حملة نشاط غير مسبوق، تكلل في انجاز موقعها على الانترنت الذي ضمنته ألبوم صورها الخاصة في فلسطين وكتابها الآنف الذكر، وخمسمئة محاضرة ألقتها في مختلف الولايات الأمريكية، بعد أن هجرت التعليم، وكرست حياتها للقضية الفلسطينية. لا تخفي في مقالاتها والمقابلات معها بأن الجمعيات الصهيونية تضايقها كثيرا، وتلاحقها في كل مكان للتشويش عليها. لكنها تصر بعد أن أضحت قضية هذا الشعب، قضيتها الشخصية،من استمرار النضال. وكما تمكنت عائلة لبنانية بسيطة من فتح بصيرتها على واقع لم تكن تعرفه، تؤكد بأنها تفعل كل يوم الشيء نفسه، وتستحوذ إلى صفها المئات، بل الآلاف من الأمريكيين، الذين ضللتهم الدعاية الصهيونية لعقود طويلة. لو تعرف هذه الشابة الأمريكية كم نحترمها هنا في سورية، وكم نقدر نضالها، الذي يضاف إلى أقرانها الأحرار في أوروبا، كرئيس تحرير لوموند ديبلوماتيك آلان غريش، روبرت فيسك في الاندبندنت البريطانية، والمفكر اليساري ريجيس دوبريه، وغيرهم كثير. لمثلهم لا بد أن تنثر الورود عندما يعودون إلى بلادنا. | |
|