المدير المدير
عدد الرسائل : 205 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/10/2008
| موضوع: مع رهين المحبسين الخميس أغسطس 20, 2009 2:27 am | |
| دمشق صحيفة تشرين ثقافة وفنون الأربعاء 19 آب 2009 سعيد هلال الشريفي في كل مرة يسدل فيها الستار على مهرجان ثقافي, يعود السؤال نفسه إلى الواجهة, وما من جواب عليه حتى الآن: ما هي الأهداف الثقافية والفكرية والمجتمعية التنموية التي أصابتها فعاليات المهرجان, الذي أنفقت من أجله موازنة ضخمة؟ بل وما هي الخطوات التي قطعتها هذه التظاهرة بالقياس إلى ما سبقها في السنوات الخالية؟ هل يعقل أن نستمر في إقامة مهرجانات ثقافية متعددة ومتنوعة على مدار العام, دون أن يكون هناك خطة مسبقة تحمل مضامين وأهداف محددة تشكل ما يسمى «بالنظم الفاعلة» التي يتوخى القائمون على هذه المهرجانات تحقيقها بنسب متصاعدة كل عام؟ [size=9]أيعقل أيضاً أن يختزل المهرجان, بكل ما تعنيه الكلمة لغوياً, إلى منصة للخطابات والمحاضرات الأكاديمية, الجافة التي لايمكن أن يتفاعل معها إلا عدد محدود من ذوي الاختصاص؟ [size=9]دعونا نتحدث بصراحة عن مهرجان المعرّي, الذي اختتم فعاليات دورة العام الحالي 2009 في الثاني عشر من الشهر الجاري. هذا المهرجان الذي انطلقت أولى فعالياته في معرة النعمان, مدينة أبي العلاء, بمبادرة شخصية من نخبة مثقفي المدينة الذين تنادوا عام 1978, إلى إقامة ندوة تحيي ذكرى شاعر وفيلسوف ملأ الدنيا وشغل الناس في عصره. فشكلوا وفداً إلى وزارة الثقافة باسم «اللجنة العلائية», حاملين معهم خطة لمعالم أول تظاهرة ثقافية تتبناها الوزارة, على مستوى مدينتهم, بهدف ليس فقط إحياء ذكرى فيلسوف المعرة وشاعرها, بقدر ما كانوا يتوخون وضع مدينتهم تحت دائرة الضوء, ولفت الانتباه إلى واقع بناها التحتية المتردي من كل الجوانب, الاقتصادية والخدمية والصحية والتعليمية والثقافية والبيئية. وبالمناسبة كان لصحيفة تشرين دور فاعل في دعم مشروع اللجنة العلائية, آنذاك, وإطلاق أول تظاهرة للمهرجان عام 1980 على ما أذكر. [size=9]لقد استجابت وزارة الثقافة مشكورة لمبادرة مثقفي المدينة, وأقرت المهرجان ضمن أنشطتها, لكن ومع مرور السنين, تآكلت الطموحات رويداً رويداً, وأضحى المهرجان مجرد «سوق عكاظ» شعري مغلق, يتبارى فوق حلبته الضيوف بكل صنوف النقد والشعر والبحوث الجافة, أمام جمهور محدود, يتكرر تقريبا كل عام, وبالكاد يملأ الصفوف الأولى من القاعة على مدار الأيام الثلاثة للمهرجان, الذي يخرج ببيان ختامي هو نفسه كل عام, مع تغير طفيف في بنود توصياته, ثم يعود المحاضرون من حيث قدموا, ليسدل الستار على أهم تظاهرة, كان يفترض أن تشكل حراكا فكريا يترك بصماته على كل جوانب الحياة, لحين تجدد انعقاد الدورة التالية من المهرجان كل عام. [size=9]لو سئل المعري عن رأيه بالمحاضرات التي ألقيت عنه والبيانات الختامية التي صدرت حتى الآن, لانتفض من ضريحه صارخاً: «كفى خطابات ودراسات جافة تقرع أذني كل عام, يدونها ضيوف يأتون من أماكن بعيدة, لا يعرفون عن حياتي ومدينتي, إلا النذر اليسير المدون في بطون الكتب التي يعيدون اجترارها كل عام, بأساليب وصيغ متباينة, دون أن يتجشم أي منهم عناء التجوال في أزقة هذه المدينة التاريخية, التي كنت أعرف, أنا الضرير, موطئ كل قدم فيها, قبل أن أعتزل الناس, وأغدو رهين المحبسين. فإذا كنتم فعلا من محبي أدبي وشعري وفلسفتي, فحري بكم أن تكفوا عن هذا التكرار الممل, وأن تخرجوا إلى الناس الذين تركتهم من بعدي في هذه المدينة, لتعيدوا إليها ألقها المفقود منذ عقود طويلة من الزمن, وأن تتفاعلوا معها, لتزيحوا عنها هذه الغمامة من الجهل والعزوف عن العلم, والتقوقع في شرنقة التزمت الذي أحالها إلى مدينة تدور على هوامش الفعل والتأثير الثقافي والفكري, وأنا منها. [size=9]فلا هطلت عليَّ ولا بأرضي, سحائب ليس تنتظم البلاد [/size][/size][/size][/size][/size] | |
|