هكذا كان في غمرة الأفراح الزائلة والآلام الصاعدة
تحت ورق الخريف الذهبي
يعتلي المنصة كالضواري
ليتخلص من انتمائه إلى تلك الأجيال
وذلك الوطن إلى المرأة التي يحب
المرأة التي جعلته يجري وراء الخلود
بقدمين وهميتين أصر أنه سيقول كل شيء
فروعة الحزن أن يقال الآن أن يهدر أول المعركة
كانت تختبئ في دمه مع ذلك لم يكتشفها إلا فيما بعد
المرأة الوحيدة التي يتطلع إليها من النوافذ
والأحلام
ثم يمضي إلى أدغاله كالنار
يسترق السمع إلى لهاثها
إلى زفيرها الحار
ثم يفر مذعورا إلى الأسواق والحمامات
إلى المواخير المكتظة
ليروي جرحه العميق
من دفعها إلى عبور ذاكرته في ذلك الوقت
وهو يعتلي ظهر التاريخ كيائس يبحث
عن متاهة جائعة لرجل من الثلج
أو هشيم لرجل من نار
ليبحث عن الروح الخيالية التي نحسبها سجينة الجسد
وهي في الطوفان
الطوفان الذي اجتاحه غيره
ثم أسلمه لنيرانه
أين تذهبين يانجمة الصبح؟
ما أكاد أفتح عيني حتى تختفي
أية ريح تأخذك؟
نامي في كتابي
استيقظي في حلمي
هاتي نارك لنوقد العالم
تمسكين بعكازه
بساعديه الكليلين
وأنا أضرم رعبه
أطلق هواجسه ودخانه القاتل
هل كان لك اسم آخر وأنت تعبرين عالمنا؟
هل كان اسمك الخلود, أو المرأة التي أحب؟
ولكن ماذا تقولين لأولئك المخدوعين وهم
يتململون في النار؟
أما تحدثنا طويلا عن مشكلة الخريف والعواطف المتدهورة؟
ألم تكوني الحلم الذي عذبني, شردني,
ودفع بي إلى المواخير
لأرى كيف يجري العالم من وراء ظهري؟
لأرى كيف يتدفق الذهب المدفون في قلبي سدى؟
أمازال غبار قبلاتي يرتعش على جسدك؟
هل أنت الأنثى المنحسرة, الغارقة في طمي
في طمي الحضارات, في ظلام ملفاتها؟
هناك دفنت عمري.
مقطع من قصيدة طويلة بعنوان " رماد الحضارات" للشاعرة السورية سنية صالح