المدير المدير
عدد الرسائل : 205 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/10/2008
| موضوع: رجع الصدى الخميس أكتوبر 29, 2009 7:29 am | |
| أوراق ..رجع الصدى
دمشق صحيفة تشرين ثقافة وفنون الأربعاء 29 تموز 2009 سعيد هلال الشريفي ما من شيء يشبهك, أو يقاس بهامتك الشامخة على مر العصور. إنك لست مجرد جبال شاهقة, وهضاب تكللها أشجار السنديان والبلوط, وأنهار تحكي قصة من مروا على ضفافها منذ آلاف السنين. أنت, أيها الوطن الساكن فينا أينما كنا, وأنّا رحلنا, ومهما ابتعدنا عنك. أنت نحن, ونحن أنت. فيك توحدت صلواتنا وتراتيلنا الممزوجة بأناشيد مواسم حصاد القمح وقطاف العنب وأهازيج صبايا الفرات. [size=9]من هذه الحقول طارت أولى الفراشات حاملة همسات العشق, بلغة الأرض والمكان, بلغة المسيح بن مريم, سيدة نساء الخلق, التي فضلها وشرفها سبحانه وتعالى على نساء العالمين, ابنة الناصرة, أرض كنعان وآرام. [size=9]عندما صعد جلجامش, ملك بابل وما حولها, ذرا جبال الأرز, في رحلته الطويلة بحثاً عن عشبة الخلود, ورأى البحر المتوسط, تخيل أن الكون ينتهي بامتداد أفقه اللامتناهي, وحلم أثناء معركته الدامية مع ملك غابة الأرز بأن تمسك قبضته على العالم المتحضر كله. كان العالم المتحضر ينحصر في مفهوم ذلك العصر بين بابل والعريش, ويدعى سورية. [size=9]جاء في الأسطورة السورية القديمة أن أميرة شابة, تدعى يوروبا, كانت تمرح في حقول الأقحوان, تطارد الفراشات وتحلق معها, عندما لمحها من فوق الغيوم, فارس شاب, ابن أحد الآلهة من القارة الباردة المجاورة, فمضى إليها على جناح البرق, وحط في تلك الحقول يناشدها بكل قصائد الحب أن تمضي معه إلى تلك البلاد التي لم يكن لها اسم بعد, لتكون ملكة عليها. فطارت يوروبا مع الفارس على صهوة حصان أبيض. وهناك على ذرا جبال الثلج توقفا, ومنحت اسمها لتلك القارة الباردة, فصارت تدعى يوروبا. وظلت تحمل القارة الباردة اسم أميرتها السورية الجميلة, حتى ذبل الأقحوان من حقول صيدا والعريش وإيلاء, واستقروا على مناداتها باسم: أوروبا. [size=9]لم يظلم التاريخ البشري أمة مثلما ظلم سكان هذه المنطقة, التي منها انطلق تاريخ الإنسانية. ومنها عرفت البشرية عصر العنب وحفظه في دنان من خشب الأبنوس, وكذلك زراعة القطن وقطافه ونسجه, وتصديره للممالك المتمدنة, كقماش مزركش, حمل اسم «دامسكو» نسبة لدمشق, ولا يزال هذا الاسم متداولا في كل لغات العالم. [size=9]ألم يُدوّن أندريه بارو, المحافظ السابق لمتحف اللوفر بباريس, على صدر كتابه «مملكة ماري»: لكل إنسان متحضر وطنان: البلد الذي ولد فيه, وسورية؟ [size=9]لم أقرأ يوماً مقالة في صحيفة أوروبية هزت كياني من الأعماق, وأجبرت دمعتان محتبستان أن تذرفا, رغما عني, مثلما فعلت مقالة لرئيس تحرير لوموند ديبلوماتيك, آلان غريش, أثناء ضرب غزة بالحديد والنار والفوسفور الأبيض, حين تساءل: ماذا فعل أبناء الناصرة والقدس والجليل حتى ينالوا كل هذا العقاب, كل هذا الذل؟ [size=9]قولوا لي بحق كل الأعراف والشرائع, ما ذنبهم, حتى تلقى عليهم الحمم الحارقة من السماء والبحر والبر. يستغيثون بحناجر نساء ثكلى وأطفال مروعين, وليس لهم من مغيث....لقد كشفت لنا غزة, ليس فقط عن عمق الدرك المظلم الذي هوت فيه قيمنا, بل عن عمق أزمتنا كحضارة مادية, أنانية, وصلت إلى نهاية طريق مسدود [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size] | |
|