المدير المدير
عدد الرسائل : 205 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/10/2008
| موضوع: ليتنا نرى العلة في أنفسنا أولا الثلاثاء ديسمبر 08, 2009 9:05 am | |
|
سعيد هلال الشريفي أوضاع الجاليات المنحدرة من أصول عربية وإسلامية على اختلاف جنسياتها المتواجدة على القارتين الأوروبية والأمريكية, والتي يقدر عدد أبنائها بأكثر من مائة مليون نسمة, تعيش ظروفا أقل ما يقال فيها أنها أقرب إلى البؤس منها إلى رغد العيش, الذي دغدغ أحلامها قبل أن تهجر أوطانها وتجد نفسها, ليس فقط وسط مجتمعات تختلف عنها بمعتقداتها وثقافاتها وقيمها وعاداتها وتقاليدها, بل ترفضها مسبقا بحكم الموروث الثقافي الكولونيالي لهذه المجتمعات الغربية التي تحتضن كل واحدة منها بضع ملايين من أبناء المستعمرات السابقة.تعالوا نسمي الأشياء بأسمائها اختصارا للكثير من الهذيان الذي يملأ ساعات من الحوار يوميا على الفضائيات العربية, والكثير أيضا من الأعمدة الصحفية التي لاتتعدى حدود الشجب والندب وإلقاء اللائمة على الآخرين.ولنسأل الآن: ما هو الوضع الاقتصادي والتعليمي والثقافي والاجتماعي لهذه الجاليات المسلمة التي تدفقت على بلدان الغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن على وجه الخصوص؟ ولماذا لم تندمج في تلك المجتمعات كباقي موجات الهجرة المختلفة التي تتمتع هي الأخرى بمعتقدات وثقافات ولغات متنوعة, والتي لم تمنعها من الاندماج في المجتمعات التي احتضنتها والمشاركة معهم جنبا إلى جنب في بناء تلك الأوطان مع التمسك بخصوصياتها القومية والثقافية, كالروس والأرمن والسوريين في أوروبا والأمريكيتين, والشركس في كل مكان حلوا عليه ضيوفا, فأصبحوا جزءا من نسيجه الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.لم كل هذا الجفاء بين الجاليات المسلمة على اختلاف مشاربها والمجتمعات الغربية التي تحتضنها منذ عقود طويلة؟ ولماذا لم تحصل عملية التفاعل الحضاري بينهما بشكل سلس طيلة تلك الفترة الطويلة من الزمن؟أسئلة كثيرة تتبادر لذهن أي شخص عاش لفترة من الزمن في إحدى المدن الأوروبية أو الأمريكية, أو حتى زارها كسائح وشاهد عن قرب الأوضاع البائسة التي تعيشها أسر وأفراد الجاليات العربية والإسلامية, من بطالة تمس شبانهم وشاباتهم أكثر من أي شرائح اجتماعية أخرى, وفقر وحرمان من الكثير من الخدمات والرفاه الذي يعرفه كل منا عن مستوى المعيشة في الغرب.هل المشكلة فعلا في تناقض المجتمعات الغربية بين ماتؤمن به من قيم ديمقراطية وإنسانية, وماتمارسه في الواقع من تهميش وإقصاء لأفراد الجاليات المسلمة, أم أن العلة تكمن في الموروث الثقافي المتنوع الزاخر بالعادات والتقاليد المحلية الخاصة بكل جالية, والتي تلبس في ظاهرها لبوس الإسلام, فتبدو للآخرين وكأنها أحد أركانه؟هل التجوال في شوارع ومقاهي ومطاعم عاصمة كباريس أو لندن أو روما أو جنيف أو أمستردام بجلابية ولحية كثة طويلة وقبعة بيضاء وحذاء بلا جوارب فروض لايكتمل الإسلام من دونها؟ وهل البرقع الذي يحجب وجه المرأة بالكامل فيمنعها من سلامة الرؤية ليلا, والذي يثير جدلا واسعا الآن في العديد من البرلمانات الأوروبية التي تدفع بمشاريع قوانين لمنعه نهائيا, واحد من الواجبات الشرعية التي فرضها هذا الدين الحنيف المتسامح بهذه القسوة بحق المرأة؟؟ وهل "السواك" واجب شرعي أيضا حتى لاتكاد تصعد حافلة للنقل العام في أي عاصمة أوروبية إلا وتفاجأ بشاب فاغرا فاه ينظف أسنانه ويبصق أرضا, بشكل يثير اشمئزاز بقية الركاب ويدفعهم لمغادرة الحافلة في أول محطة قادمة؟وهل مآذن المساجد ركن من أركان الإسلام حتى تقوم الدنيا ولا تقعد وتنهمر الفتاوى من كل حدب وصوب مطالبة مسلمي العالم بمقاطعة سويسرا وما إلى ذلك؟بحثت قبل كتابة هذه الزاوية عن تاريخ أول مئذنة تم تشييدها في التاريخ, فعلمت أن بلالا, أول مؤذن في الإسلام, كان يصعد فوق سطح مسجد الرسول (ص) في المدينة المنورة ليؤذن في الناس, لأنه لم يكن له مئذنة.حسبنا أخيرا في قوله تعالى وهو يخاطب نبي الرحمة في آية 158 من سورة آل عمران "...ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفوا عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر..". | |
|