أوراق ..لولا ريحانة
دمشق
صحيفة تشرين
ثقافة وفنون
الأربعاء 9 كانون الأول 2009
سعيد هلال الشريفي
يعكف البروفسور سليم حسني الذي يشغل منصب أستاذ ذي كرسي في جامعة مانشستر وهو رئيس لمؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة في بريطانيا على البحث مع فريق عمل واسع في استخراج الكنوز التي تزخر بها خمسة ملايين مخطوطة مبعثرة عبر مكتبات العالم لم يكشف عن مضمونها إلا النذر اليسير منها حتى الآن.
ومع ذلك، فما تم الكشف عنه بجهود فريق العمل المشترك من بريطانيين وعرب ومسلمين متخصصين في تاريخ الحضارات الإنسانية بالجامعات البريطانية، أسفر عن نتائج مذهلة من خلال تحقيق ونشر وترجمة مئتي مخطوطة إلى اللغة الانكليزية، تبرز جميعها الدور الحضاري للعرب والمسلمين في شتى مجالات العلوم، كالرياضيات والطب والصيدلة والهندسة والفيزياء والكيمياء والجغرافيا والاقتصاد والمجتمع والفلك وعلوم المياه والبيئة. كما تركز إحدى المخطوطات التي تم تحقيقها مؤخرا على الدور الريادي للمرأة المسلمة في شتى مجالات العلوم التطبيقية جنبا إلى جنب مع الرجل حتى في علوم الدين والفقه، في تلك الحقبة من الصعود الحضاري للأمة.
[size=9]يعترف فريق العمل أن مقولة العالم النابغة (البيروني) في مقدمة إحدى مخطوطاته هي التي قادتهم إلى هذه الاكتشافات المذهلة لدور ومكانة المرأة في صدر الإسلام. يقول البيروني الذي تمكن من قياس محيط الأرض والذي يعتمد عالميا حتى الآن، وألف مئتي كتاب في مختلف مجالات العلوم: (لولا الله تعالى ثم ريحانة، لما فعلت شيئا).
[size=9]في رحلة فريق البحث التي لم تنته بعد عن ريحانة، توصلوا إلى اكتشافات لاتقل أهمية عن دور هذه المرأة فيما أنجزه البيروني.
[size=9]جاء في إحدى هذه المخطوطات التي أنجزت العام الماضي وتم توزيعها على كل المدارس الانكليزية، بعد أخذ موافقة وزارة التعليم البريطانية، التي أقرت مؤخرا إدخال فضل هؤلاء العلماء المسلمين، كل في اختصاصه، ضمن جميع مناهج الدرس في المدارس البريطانية اعتبارا من العام المقبل، أنه كان يوجد في بغداد إبان الخلافة العباسية، امرأة تدعى ستيتة وهي عالمة بالرياضيات يعتمد القضاة خبرتها في المسائل المعقدة التي لاتسعفهم القوانين بإيجاد حلول لها.
[size=9]كما تسلط المخطوطة نفسها الضوء على امرأة شابة من حلب، تدعى مريم العجلي، كانت مهندسة آلات صناعية، ترسم المخططات الهندسية لأعقد الآلات وتنفذها بنفسها، منها الإسطرلاب الذي يعود إليها فضل اختراعه. وللتوضيح لابد من الإشارة إلى أن تصميم وتنفيذ آلة معقدة وبهذا المستوى من الدقة، يستوجب معرفة واسعة بمسارات النجوم والكواكب المتحركة وقياس مساقطها بالضبط على سطح الأرض.
[size=9]أما آخر الاكتشافات التي أذهلت فريق عمل البحث، توصلهم إلى معرفة أن أول جامعة علمية في التاريخ، ليس بالتأكيد جامعة السوربون كما هو شائع، بل (جامعة القروييين) في مدينة فاس التي تأسست عام 851م على يد امرأة شابة تدعى فاطمة الفهري. وقد تبين لهم في مخطوطة أخرى أن جامعة القرويين كانت تدرس فيها كل علوم ذلك العصر للرجال والنساء ومن كافة الأعمار في آن واحد. كما تبين أن الأخت الكبرى لفاطمة قد أشادت في تلك الفترة نفسها جامعاً لتدريس علوم الدين والفقه وكانت تترأس حلقات التعليم بنفسها وتديرها أمام رجال ونساء من طلبة العلم دون أي حرج في ذلك.
[size=9]هل يأتي اليوم الذي ينفض فيه الغبار كاملا عن إرث فكري وعلمي عظيم، لرجال ونساء صنعوا أعظم حضارة سلمية وإنسانية، قوامها العلم، إبان الصعود الحضاري المتألق للأمة العربية؟
[/size][/size][/size][/size][/size][/size]