كتاب عالمي جديد..يانفالو لشارلي
دمشق
صحيفة تشرين
ثقافة وفنون
الأحد 6 أيلول 2009
سعيد هلال الشريفي
ليونيل ترويلو كاتب تقدمي وملتزم بقضايا شعبه، من جزيرة هاييتي وأستاذ جامعي، من مواليد عام 1956. له العديد من الروايات.
بداية مشواره الأدبي كان مع رواية «شارع الخطوات الضائعة» التي صدرت عام 1989 ثم أتبعها بأخرى، تيريزا من ألف قطعة، وأبناء الأبطال، والحب قبل أن أنسى، التي صدرت عام 2007.
[size=9]يانفالو لشارلي التي صدرت الشهر الماضي في باريس، يعتبرها النقاد الرواية الأكثر عمقاً والأكثر رومانسية رغم المآسي التي تصورها كشاهد على العصر وتداعيات العولمة على هذا الشعب المنسي في أقاصي المحيط الهادي.
[size=9]يبدأ الكاتب روايته بالجملة التالية: « أنا القادم من قرية نائية ومنسية، إنه لعمري شيء أصبح الآن في الركن القصي من ذاكرتي. النجمة إنها مجرد سحابة عابرة، أو كلمة تلمع كي تطلق اسما على شيء لم نكن نعرفه من قبل. إنها الرداء الذي سيغطي السعادة الضائعة».
[size=9]يقول في معرض مقابلة أجريت معه فور صدور الرواية الشهر الماضي: أحببت العودة إلى مرحلة السبعينيات من القرن الماضي لما تمثل تلك المرحلة من شرخ عميق وليل حالك طال أمده في تاريخ تلك الجزيرة المأهولة بالفقر والبؤس، والحلم بغد أفضل. تلك المرحلة التي تمثلت بديكتاتورية »خرفة« ومنفصلة عن الواقع تماما. كانت تلك الحقبة تمور بجيلين متناقضين. واحد ينزلق ببطء نحو الهلاك المحتم، وآخر يصعد وكأنه يولد من جديد. جيل أنهكه البؤس والجهل والقهر، وجيل تحدى الواقع وقرر أخذ زمام الأمور بنفسه رغم كل الصعوبات. حاولت في هذه الرواية أن أسلط الضوء على وجهي الحياة في جزيرة هاييتي. الحياة المليئة بكل ما هو براق وجميل لجذب السياح، وتلك التي تدفن مناجم من الألم والقهر، والحلم بالسعادة في آنٍ معاً. في كل شخصية من شخصيات الرواية ثمة قطعة من شخصية أخرى متداخلة معها.
[size=9]يانفالو لشارلي تلخص في الواقع حكاية محامٍ يعيش في الحي الراقي من العاصمة بور أوبرانس، يحلم بالرقية الاجتماعية عبر خوض ميدان السياسة، إلى أن طرق باب منزله ذات مساء شاب في السابعة عشر من عمره، رث الثياب، يبدو من ملامح وجهه الفقر والقهر، طالبا منه مساعدة ماسة، بوصفه محاميا لامعا تربطه علاقة صداقة وثيقة مع والده في مرحلة الطفولة.تنطلق الرواية من هذا الحدث الذي سوف يقلب حياة المحامي رأسا على عقب. يستضيفه في تلك الليلة في منزله بعد أن يقدم له الطعام، دون أن يسأله شيئا، بسبب التعب والإعياء اللذان كانا مسيطرين على الفتى، فيتركه يستغرق في سبات عميق فوق أريكة الصالون ويمضي إلى غرفة نومه.
[size=9]يقول في مقطع من الفصل الأخير من الرواية مخاطبا شارلي: عندما أيقظتك صباح اليوم التالي من نومك العميق وأنت ممدد فوق الأريكة، وسألتك على الفور ماذا تريد مني بالتحديد، كنت أرغب أن أوحي لك بأني شخص مهم، وورائي أعمال تنتظرني كي ترحل بسرعة. لكنك أمطرتني بوابل من كلمات لم أسمعها قط. أعتذر منك شارلي. لم أكن أعرف أن وراءك مآس أكبر من أعمالي كلها.