شيء بسيط، لكنه عظيم، انبثق من تحت قبة قاعة المؤتمرات في قمة الدوحة، وشق عباب السماء على شكل رسالة موجهة لكافة شعوب العالم تقول: بالحديد والنار، يمكن تدمير بلد بكامله، قتل عشرات الآلاف من سكانه، ولكن من الصعب جدا، قتل إرادة الحياة، اغتيال روح الأمة.
[size=9]شيء بسيط آخر لم يفهمه أباطرة العولمة المتوحشة، أن المنطقة العربية، وبالتحديد مايسمى تاريخيا، ببلاد الشام، لاتشبه أي مكان على سطح هذه الأرض. فهي مهد أقدم الحضارات التي عرفها التاريخ البشري. وهي أيضا مهد الرسالات السماوية الثلاث. منها خرجت للنور أول أبجدية مكتوبة، وفوق ثراها كانت الصلة بين السماء والإنسان.
[size=9]هي ليست كولورادو، ولا تكساس، وشعبها لايشبه قبائل "المايا، السكان الأصليين للقارة الأمريكية"، الذين تعرضوا لأبشع أشكال القمع والتنكيل وبرامج الإبادة الجماعية.
[size=9]هل بقي لدى الحفنة الناجية من معسكرات الاعتقال النازية، و«غيتو» وارسو، الذين يحكمون هذا الكيان العنصري، شيئا لم يجربوه على امتداد الساحة الفلسطينية؟
[size=9]قمع وتنكيل واعتقال وحصار جماعي ومجازر متتالية وتجريف للأراضي الزراعية وتدمير للبيوت فوق رؤوس ساكنيها وتقطيع لأوصال المدن والقرى وحرمان من الماء والكهرباء ووسائط النقل، وأخيرا ارتكاب أعنف وأبشع جرائم حرب عرفها التاريخ الإنساني. وماذا بعد؟
[size=9]سؤال على قادة هذا الكيان المرضى أن يطرحوه على أنفسهم بعد أن ترقد طائراتهم في مخابئها، ويعود جنودهم إلى الثكنات. ماذا بعد كل هذا القتل والدمار في غزة؟
[size=9]قد يأتي اندحار هذا الجيش الذي ذاق مرارة ذل الهزيمة فوق الجنوب اللبناني، متزامنا مع قراءتنا لهذه السطور، وحينها سيكون على هؤلاء المرضى أن يجيبوا على أسئلة الصحفيين الذين سيهرعون بالعشرات إلى مكان أفظع جرائم العصر، لنقل الصور الحية لما تكتنفه الأنقاض من مآس يٍندى لها جبين الإنسانية.
[size=9]لقد أحرج هؤلاء المهووسين بالعنصرية أقرب أصدقائهم، بفظاعة ما ذهبوا إليه من عنف خارج عن حدود العقل.
[size=9]لم يتمالك وزير خارجية فرنسا، المعروف بشدة تحمسه لإسرائيل، أن يقول لسفيرها في باريس أثناء الحوار الذي جمعه على طاولة مستديرة مساء الثلاثاء الماضي في استوديو الفضائية الفرنسية TV5 مع ليلى شهيد أيضا ولفيف من كبار المفكرين الفرنسيين، بقوله، بلهجة لاتخلو من الأسى: « trop c`est trop لقد طفح الكيل سعادة السفير».
[size=9]التقط مقدم البرنامج العبارة، مستوضحا من الوزير كوشنير بالقول: ماذا تقصد بالتحديد؟ هل تعني أن إسرائيل ذهبت إلى أقصى حدود الإفراط؟
[size=9]أجابه الوزير الفرنسي، بعد لأي لثوان: للأسف هي كذلك. امتقع حينها وجه سفير الجريمة، وراح يحاول عبثا احتواء الاحتقان الذي ساد الأجواء حول المائدة المستديرة، فلم تسعفه الكلمات. هو يعرف أيضا، أن قادته قد أوغلوا كثيرا في غياهب الإجرام، وغرقوا عميقا في بحيرات من دماء الأطفال والنساء، ولن تسعفهم آلتهم الإعلامية الجبارة في طمس معالمها، وسوف يترتب عليهم الإجابة عن كثير من الأسئلة المحرجة، التي ليس لها أي جواب. ماذا بعد كل هذا الإجرام؟
[size=9]فهل يمكن أن يمر هذه المرة من دون عقاب؟