لهذه الأسباب وللنتائج المخزية التي خرج بها المؤتمر السياسي بامتياز، نرد على الحسناء الجارحة، ونتساءل: هل أصبحت كراهية بلدك تهمة دولية، كتهمة الإرهاب؟ وهل ثمة سبب واحد يجعل أي عربي، بغض النظر عن دينه أو انتمائه، يحبكم؟
[size=9]لماذا يكرهوننا؟ سؤال طرحته وسائل الإعلام الأمريكية بذهول واستغراب فور وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول المشؤومة، وما تزال تطرحه، وكأنها لم تعثر على جواب واحد يبرر كراهية العرب والمسلمين لها حتى الآن.
[size=9]على موقع «يهود ضد الصهيونية» الالكتروني، الذي يمثل التيارات التقدمية من اليهود الأوروبيين المعادين بشدة للصهيونية، ورداً على السؤال نفسه يجيب آلان غريش الصحفي الفرنسي اليهودي المعروف، في صحيفة لوموند ديبلوماتيك بالقول: إنه سؤال لايخلو من السفاهة والوقاحة. أن يقدم شعب مدجج بأحدث الأسلحة على اغتصاب أرض ليست له (فلسطين) ويرتكب أفظع المذابح بحق رجال ونساء وشيوخ وأطفال. يطرد من بقي منهم حيّاً خارج وطنه، ومن آثر البقاء يخضع لأبشع صنوف الذل والحصار، ثم نتساءل: لماذا يكرهوننا؟
[size=9]الأمريكيون يطرحون أيضا السؤال نفسه منذ بضع سنين. لكن هنا يجب أن نفرق بين الشعب الأمريكي وقياداته السياسية. هؤلاء الذين يتحكمون بصنع القرار هم، إما صهاينة متشددين، أو مسيحيين متصهينين منافقين انتهازيين، يلهثون وراء مناصب ومصالح خاصة، يضمنها لهم اللوبي الصهيوني.
[size=9]أما الشعب الأمريكي، فهو على الأغلب بعيد عن السياسة، وجزء كبير منه لايعرف أين تقع فلسطين على الخارطة. يجهلون بشكل عام حقيقة ما يجري في فلسطين، وما يعانيه هذا الشعب المسكين تحت الاحتلال، وتنحصر معرفتهم بحدود ضيقة جدا، وفقا لما تقدمه لهم وسائل إعلامهم المنحازة بالمطلق لإسرائيل.
[size=9]هنا لابد أن ألفت انتباه الشعب الأمريكي، الذي سيقرأ مقالتي التي ستترجم إلى الانكليزية، إلى طرح السؤال بشكل مختلف: لماذا نحن مكروهين دون باقي شعوب العالم؟ وبشكل أكثر وضوحا، الولايات المتحدة وبريطانيا.
[size=9]لقد سبق لقادتكم السياسيين وأن أفاضوا بإجاباتهم على هذا السؤال، وقدموا لكم ترهات وخزعبلات أدت إلى حرف أنظاركم طويلا عن الحقيقة، مفادها أن العرب والمسلمين يحسدونكم على ديمقراطيتكم ورفاهيتكم وعالمكم الحر وقوتكم.
[size=9]ولكي لانفتش بعيدا عن الأسباب والعلل، فإن أهم بواعث هذه الكراهية تعود إلى الدعم اللامحدود واللاأخلاقي الذي تمنحه حكومتا البلدين إلى إسرائيل، كي تمعن في قمع الشعب الفلسطيني، وتهدد أمن واستقرار جيرانها العرب، وفي اليوم الذي يتوقف فيه هذا الدعم الظالم لإسرائيل، فإن كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا، ستصبحا دولتين محترمتين في نظر كافة الشعوب العربية والإسلامية على حد سواء، تماما كما يحبون ويحترمون روسيا والصين واليابان والهند، وغيرها. وهذه الدول كما نعلم جميعا لاينقصها الثراء ولا الديمقراطية، ولا القوة، ومع ذلك يحبها العرب والمسلمون، بسبب مواقفها غير المنحازة لاسرئيل، والداعمة للقانون الدولي.
[size=9]بوسعي أن أؤكد لكم، بحكم تجربتي المهنية كصحفي، ويهودي تقدمي، وإنسان، أنه ما من حرب أو نزاع إقليمي أو توتر حصل في الشرق الأوسط، في الماضي أو الحاضر، أو في المستقبل، مع كل ما نتج، وما سينتج، عن ذلك من مذابح ومآسي إنسانية، إلا ولإسرائيل يد فيه. وما كان لكل هذه المآسي أن تحصل لولا هذه الدولة العدوانية المزروعة في خاصرة الشرق الأوسط.
[size=9]إن حالة اللااستقرار التي تشوه صورة البلدان الواقعة في الشرق الأوسط ليس لها أية صلة بافتراضات تعود إلى الطبائع الشاذة التي تحكم سلوك سكان المنطقة وثقافتهم المتطرفة, كما يحاول ساستكم المنحرفون إقناعكم، كي يحصلوا منكم على أفضل دعم لسياساتهم الظالمة ضد أولئك المقهورين، المحرومين من تعاطفكم.
[size=9]إن كل ما يجري من ظلم وتوتر في الشرق الأوسط، مرده إلى استمرار وجود كتلة سرطانية، دخيلة على المنطقة العربية بهويتها، ولن يثني من عزيمة أهلها شيء لاستئصال هذا السرطان من جسدهم بكل الوسائل المتاحة لهم.
[size=9]أخيراً، أحب أن أهمس للشعب الأمريكي الطيب، شيئا مهما لايعرفه عن هذه المنطقة. إنها مهد أقدم الحضارات الإنسانية، وهي ماتزال تتمتع بإرث ثقافي عريق، ويعيش أهلها نمط حياة فيه الكثير من الرقي والتحضر. هذا ما لاتعرفونه حتما عنهم، بسبب الصورة النمطية المشوهة التي رسخها إعلامكم اللاموضوعي، إن لم نقل المجافي للحقيقة. «آلان غريش